أرشيف الفتوى | عنوان الفتوى : الحكم على بعض الأوراد والأدعية
/ﻪـ
الكتـب
الفتاوي
المحاضرات
روائع المختارات
من مكتبة التلاوة
أحكام تجويد القرآن
تفسير القرآن
برامج مجانية
الصفحة الرئيسية
البحث:
القائمة الرئيسية
الموسـوعـة القــرآنية
القــــــراّن الـكريــــــم
الشاشة القرآنية الذهبية
مشغل القـــرآن (فلاش)
الإيمـــان فــلاش قــرآن
أحكــام تــــلاوة الــقراّن
أحكـام التـلاوة (صـوت)
التــــلاوات والقــــــراء
مصــاحــف الـــفــــلاش
تفسير الشعراوي (صوت)
تفسير القـرآن الكريــم
تفسير القرطبي
تفسير الرازي
تفسير السيوطي
تفسير الشوكاني
تفسير الشــعراوي
أيسر التفاسير
جامع الحديث الشريف
كتب الحـــديث الشريف
شروح صحيح البخاري
شــروح صحيح مســلم
شـروح سـنن الترمـذي
شـــرح الفتح الـربانــي
شروح الأربعين النووية
شـــــروح بلوغ المـرام
جـامع الفقه الإسلامـي
خـــزانــــــــة الكـــتــب
تـصنيـفــات الكتـب
الكتــــــب ألفــبائيا
قــائــمة الـمؤلـفين
جـــديــــد الكـتـــب
كـــتــــب مــخـــتــــارة
صحيح البخاري
صحــيح مســلم
رياض الصالحين
البداية والنهاية
القاموس المحيط
الرحيق المختوم
فتح الباري
مناسك الحج والعمرة
الـكـتـاب الــمسـمــــوع
في القرآن وعلومه
في الحديث وعلومه
في الفقه وأصوله
في العقائد والأديان
في التاريخ والسير
الفـهــرس الشــــــامـل
شجــرة الفهـــارس
بحـث في الفهـارس
الــــرســـائل العـلــمية
شـجـرة التصنيفات
قـــائمـة البــاحـثين
جــــديـد الـــرسائل
الــرسـائل ألفــبائيا
الـــــدروس والخــطـب
الأقســــــام الـــرئـيسية
قـائمة الـدعاة والخطباء
الأكثـــر استمـــاعـــــــا
جديد الـدروس والخطب
أرشـــيف الـفتــــــــوى
أقســـــــام الـفتــــــوى
العلماء ولجان الفتوى
جــــديــــــد الـفتــــوى
الفتاوى الأكثر اطلاعـا
روائــــــــع مختـــــارة
واحــــة الأســرة
بنك الاستشارات
روضـة الـدعــاة
قطـوف إيـمـانية
مجلـة نـــداء الإيمــان
هدايا الموقع
هدايا الموقع
مشغل القــرآن (فلاش)
مــكـتـبـة الصـــوتيــات
بــــــاحـــث الــفتـــاوى
راديـــــــو الإيــمـــــان
الشــاشـــة الـذهـبـيـــة
مــحــــول الـتــاريــــخ
مــــواقـيـت الـصـــــلاة
مــصـاحـــف الـفـــلاش
مــكـتـبـة الـشــــعراوي
حـــــاسـبـة الــــزكـــاة
روابط سريعة
روابط سريعة
التــــلاوات والقــــــراء
علمــاء ولجـان الفتـوى
قـائمة الدعاة والخطبـاء
خدمات متنوعة
خدمات متنوعة
بــــرامــج مجــــانية
مــــواقـيت الصـــلاة
محـــول التــــاريـــخ
قــالوا عــن المــوقع
شاركنا الثواب
الموقع برعاية
المجموعة الوطنية للتقنية
للمشاركة في رعاية الموقع
أرشيف الفتوى
أقسام الفتوى
العلماء ولجان الفتوى
جديد الفتاوى
الأكثر اطلاعا
بحث
الصفحة الرئيسية
>
جديد الفتاوى
>
الحكم على بعض الأوراد والأدعية
معلومات عن الفتوى: الحكم على بعض الأوراد والأدعية
رقم الفتوى :
607
عنوان الفتوى :
الحكم على بعض الأوراد والأدعية
القسم التابعة له
:
مقدمات
اسم المفتي
:
عبد العزيز بن باز
نص السؤال
يوجد في بلادنا أناس متمسكون بأوراد ما أنزل الله بها من سلطان ، منها ما هو بدعي ومنها ما هو شرك وينسبون ذلك إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وغيره ، ويقرءون تلك الأوراد في مجالس الذكر أو في المساجد بعد صلاة المغرب زاعمين أنها قربة إلى الله ، كقولهم : بحق الله رجال الله أعينونا بعون الله وكونوا عوننا بالله ، وكقولهم : يا أقطاب ويا أوتاد ويا أسياد أجيبوا يا ذوي الأمداد فينا واشفعوا لله هذا عبدكم واقف وعلى بابكم عاكف ، ومن تقصيره خائف ، أغثنا يا رسول الله وما لي غيركم مذهب ومنكم يحصل المطلب وأنتم خير أهل الله بحمزة سيد الشهداء ومن منكم لنا مددا ، أغثنا يا رسول الله ، وكقولهم : اللهم صل على من جعلته سببا لانشقاق أسرارك الجبروتية وانفلاقا لأنوارك الرحمانية فصار نائبا عن الحضرة الربانية وخليفة أسرارك الذاتية .
نرجو بيان ما هو بدعة وما هو شرك وهل تصح الصلاة خلف الإمام الذي يدعو بهذا الدعاء .
نص الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين ، أما بعد :
فاعلم وفقك الله أن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق وأرسل الرسل عليهم الصلاة والسلام ليعبد وحده لا شريك له دون ما سواه كما قال تعالى : {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} والعبادة هي طاعته سبحانه وطاعة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بفعل ما أمر الله به ورسوله وترك ما نهى الله عنه ورسوله ، عن إيمان بالله ورسوله وإخلاص لله في الفعل كما قال تعالى : {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ} أي أمر وأوصى بأن يعبد وحده ، وقال تعالى : {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} أبان سبحانه بهذه الآيات أنه هو المستحق لأن يعبد وحده ويستعان به وحده ، وقال عز وجل : {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} وقال سبحانه : {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} وقال تعالى : {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} والآيات في هذا المعنى كثيرة وكلها تدل على وجوب إفراد الله بالعبادة ، ومعلوم أن الدعاء بأنواعه من العبادة ، فلا يجوز لأحد من الناس أن يدعو إلا ربه ولا يستعين ولا يستغيث إلا به عملا بهذه الآيات الكريمات وما جاء في معناها ، وهذا فيما عدا الأمور العادية والأسباب الحسية التي يقدر عليها المخلوق الحي الحاضر ، فإن تلك ليست من العبادة ، بل يجوز بالنص والإجماع أن يستعين الإنسان بالإنسان الحي القادر في الأمور العادية التي يقدر عليها . كأن يستعين به أو يستغيث به في دفع شر ولده أو خادمه أو كلبه وما أشبه ذلك ، وكأن يستعين الإنسان بالإنسان الحي الحاضر القادر أو الغائب بواسطة الأسباب الحسية كالمكاتبة ونحوها في بناء بيته أو إصلاح سيارته أو ما أشبه ذلك ،
ومن هذا الباب قول الله عز وجل في قصة موسى عليه الصلاة والسلام : {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} ومن ذلك استغاثة الإنسان بأصحابه في الجهاد والحرب ونحو ذلك ، فأما الاستغاثة بالأموات والجن والملائكة والأشجار والأحجار فذلك من الشرك الأكبر وهو من جنس عمل المشركين الأولين مع آلهتهم كالعزى واللات وغيرهما ، وهكذا الاستغاثة والاستعانة بمن يعتقد فيهم الولاية من الأحياء فيما لا يقدر عليه إلا الله كشفاء المرضى وهداية القلوب ودخول الجنة والنجاة من النار وأشباه ذلك ،
والآيات السابقات وما جاء في معناها من الآيات والأحاديث كلها . تدل على وجوب توجيه القلوب إلى الله في جميع الأمور وإخلاص العبادة لله وحده . لأن العباد خلقوا لذلك وبه أمروا كما سبق في الآيات وكما في قوله سبحانه : {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} وقوله سبحانه : {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} الآية ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث معاذ رضي الله عنه : (حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا) متفق على صحته ، وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود رضي الله عنه : (من مات وهو يدعو لله ندا دخل النار) رواه البخاري ، وفي الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا إلى اليمن قال له: (إنك ، تأتي قوما أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله) وفي لفظ : (فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله) وفي رواية للبخاري : (فادعهم إلى أن يوحدوا الله) وفي صحيح مسلم عن طارق بن أشيم الأشجعي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من وحد الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله عز وجل) والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ، وهذا التوحيد هو أصل دين الإسلام وهو أساس الملة وهو رأس الأمر وهو أهم الفرائض وهو الحكمة في خلق الثقلين والحكمة في إرسال الرسل جميعا عليهم الصلاة والسلام كما تقدمت الآيات الدالة على ذلك ، ومنها قوله سبحانه : {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ}
ومن الأدلة على ذلك أيضا قوله عز وجل : {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} وقوله سبحانه : {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ} وقال عز وجل عن نوح وهود وصالح وشعيب عليهم الصلاة والسلام أنهم قالوا لقومهم : {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} وهذه دعوة الرسل جميعا كما دلت على ذلك الآيتان السابقتان .
وقد اعترف أعداء الرسل بأن الرسل أمروهم بإفراد الله بالعبادة وخلع الآلهة المعبودة من دونه ، كما قال عز وجل في قصة عاد أنهم قالوا لهود عليه الصلاة والسلام : {أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} وقال سبحانه وتعالى عن قريش لما دعاهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى إفراد الله بالعبادة وترك ما يعبدون من دونه من الملائكة والأولياء والأصنام والأشجار وغير ذلك : {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} وقال عنهم سبحانه في سورة الصافات : {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ * وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} والآيات الدالة على هذا المعنى كثيرة .
ومما ذكرناه من الآيات والأحاديث يتضح لك وفقني الله وإياك للفقه في الدين والبصيرة بحق رب العالمين : أن هذه الأدعية وأنواع الاستغاثة التي بينتها في سؤالك كلها من أنواع الشرك الأكبر . لأنها عبادة لغير الله وطلب لأمور لا يقدر عليها سواه من الأموات والغائبين ، وذلك أقبح من شرك الأولين . لأن الأولين إنما يشركون في حال الرخاء ، وأما في حال الشدائد فيخلصون لله العبادة . لأنهم يعلمون أنه سبحانه هو القادر على تخليصهم من الشدة دون غيره ، كما قال تعالى في كتابه المبين عن أولئك المشركين : {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} وقال سبحانه وتعالى يخاطبهم في آية أخرى في سورة ( سبحان ) : {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا}
فإن قال قائل من هؤلاء المشركين المتأخرين : إنا لا نقصد أن أولئك ينفعون بأنفسهم ويشفون مرضانا أو يعينونا بأنفسهم أو يضرون عدوا بأنفسهم وإنما نقصد شفاعتهم إلى الله في ذلك .
فالجواب أن يقال لهم : إن هذا هو مقصد الكفار الأولين ومرادهم ، وليس مرادهم أن آلهتهم تخلق أو ترزق أو تنفع أو تضر بنفسها فإن ذلك يبطله ما ذكره الله عنه في القرآن ، وإنما أرادوا شفاعتهم وجاههم وتقريبهم إلى الله زلفى ، كما قال سبحانه وتعالى في سورة يونس عليه الصلاة والسلام : {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} فرد الله عليهم ذلك بقوله سبحانه : {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} فأبان سبحانه أنه لا يعلم في السموات ولا في الأرض شفيعا عنده على الوجه الذي يقصده المشركون ، وما لا يعلم الله وجوده لا وجود له؛ لأنه سبحانه لا يخفى عليه شيء ، وقال تعالى في سورة الزمر : {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ * إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} فأبان سبحانه أن العبادة له وحده وأنه يجب على العباد إخلاصها له جل وعلا؛ لأن أمره للنبي صلى الله عليه وسلم بإخلاص العبادة له أمر للجميع ، ومعنى الدين هنا هو العبادة ، والعبادة هي طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم كما سلف ويدخل فيها الدعاء والاستغاثة والخوف والرجاء والذبح والنذر ، كما يدخل فيها الصلاة والصوم وغير ذلك مما أمر الله به ورسوله ، ثم قال عز وجل بعد ذلك : {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى أي يقولون مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} فرد الله عليهم بقوله سبحانه : {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} فأوضح سبحانه في هذه الآية الكريمة أن الكفار ما عبدوا الأولياء من دونه إلا ليقربوهم إلى الله زلفى ، وهذا هو مقصد الكفار قديما وحديثا ، وقد أبطل الله ذلك بقوله : {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} فأوضح سبحانه كذبهم في زعمهم أن آلهتهم تقربهم إلى الله زلفى وكفرهم بما صرفوا لها من العبادة ، وبذلك يعلم كل من له أدنى تمييز أن الكفار الأولين إنما كان كفرهم باتخاذهم الأنبياء والأولياء والأشجار والأحجار وغير ذلك من المخلوقات شفعاء بينهم وبين الله ، واعتقدوا أنهم يقضون حوائجهم من دون إذنه سبحانه ولا رضاه كما تشفع الوزراء عند الملوك ، فقاسوه عز وجل على الملوك والزعماء ، وقالوا كما أنه من له حاجة إلى الملك والزعيم يتشفع إليه بخواصه ووزرائه فهكذا نحن نتقرب إلى الله بعبادة أنبيائه وأوليائه ، وهذا من أبطل الباطل؛ لأنه سبحانه لا شبيه له ولا يقاس بخلقه ولا يشفع أحد عنده إلا بإذنه ولا يأذن في الشفاعة إلا لأهل التوحيد ، وهو سبحانه وتعالى على كل شيء قدير وبكل شيء عليم وهو أرحم الراحمين لا يخشى أحدا ولا يخافه؛ لأنه سبحانه هو القاهر فوق عباده والمتصرف فيهم كيف يشاء بخلاف الملوك والزعماء فإنهم ما يقدرون على كل شيء ولا يعلمون كل شيء ، فلذلك يحتاجون إلى من يعينهم على ما قد يعجزون عنه من وزرائهم وخواصهم وجنودهم ، كما يحتاجون إلى تبليغهم حاجات من لا يعلمون حاجته ، ولأن الملوك والزعماء قد يظلمون ويغضبون بغير حق فيحتاجون إلى من يستعطفهم ويسترضيهم من وزرائهم وخواصهم ، أما الرب عز وجل فهو سبحانه غني عن جميع خلقه وهو أرحم بهم من أمهاتهم وهو الحكم العدل يضع الأشياء في مواضعها على مقتضى حكمته وعلمه وقدرته ، فلا يجوز أن يقاس بخلقه بوجه من الوجوه ، ولهذا أوضح سبحانه في كتابه أن المشركين قد أقروا بأنه الخالق الرازق المدبر وأنه هو الذي يجيب المضطر ويكشف السوء ويحيي ويميت إلى غير ذلك من أفعاله سبحانه ، وإنما الخصومة بين المشركين وبين الرسل في إخلاص العبادة لله وحده كما قال عز وجل : {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} وقال تعالى : {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا} والآيات في هذا المعنى كثيرة وسبق ذكر الآيات الدالة على أن النزاع بين الرسل وبين الأمم إنما هو في إخلاص العبادة لله وحده كقوله سبحانه : {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}الآية ، وما جاء في معناها من الآيات .
وبين سبحانه في مواضع كثيرة من كتابه الكريم شأن الشفاعة فقال تعالى في سورة البقرة : {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ} وقال في سورة النجم : {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} وقال في سورة الأنبياء في وصف الملائكة : {وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} وأخبر عز وجل أنه لا يرضى من عباده الكفر وإنما يرضى منهم الشكر ، والشكر هو توحيده والعمل بطاعته فقال تعالى في سورة الزمر : {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} الآية ، وروى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : ( يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك ؟ ) قال : " من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه " أو قال : " من نفسه " وفي الصحيح عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لكل نبي دعوة مستجابة فتعجل كل نبي دعوته وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة فهي نائلة إن شاء الله من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا " والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ، وجميع ما ذكرنا في الآيات والأحاديث كلها تدل على أن العبادة حق الله وحده وأنه لا يجوز صرف شيء منها لغير الله لا للأنبياء ولا لغيرهم ، وأن الشفاعة ملك الله عز وجل كما قال سبحانه : قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا الآية .
ولا يستحقها أحد إلا بعد إذنه للشافع ورضاه عن المشفوع فيه وهو سبحانه لا يرضى إلا التوحيد كما سبق ، أما المشركون فلا حظ لهم في الشفاعة كما قال تعالى : فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ وقال تعالى : مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ الآية .
والظلم عند الإطلاق هو الشرك كما قال تعالى : {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} وقال تعالى : {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}
مصدر الفتوى
:
موقع ابن باز
أرسل الفتوى لصديق
أدخل بريدك الإلكتروني
:
أدخل بريد صديقك
: